مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
نداء إلى الأمة السورية [31
 
 
 
سورية الجديدة،سان باولو،العددان 19 و 20، 1939/7/15
 

 

عن شعبة سورية الـجديدة في لبنان

 

بيروت - 1 يوليو/تـموز - أذاع الـحزب السوري القومي النداء التالي إلى الأمة السورية والذي نرسله إليكم بحروفه:

 

تـدرس الـحكومة الفرنسية اليوم مشروعاً يقضي بتجزئة سورية تـجزئة جديدة، بحيث تقسم الدولة الشامية إلى أربع مناطق يديرها مستشارون فرنسيون بواسطة «حكّام» سوريين من الـمستعدين دائماً لبيع مصالح الشعب السوري بأية وظيفة وأي معاش ولأية مدة كانت.

 

إنّ نيات السياسة الفرنسية في بلادنا لم تكن يوماً بخافية علينا. ولقد بذل الزعيم مجهوداً كبيراً لـحمل الفرنسيين على الإقلاع عن هذه السياسة الـمقصود منها إهلاك الشعب السوري والقضاء على الأساس السياسي الاقتصادي لكيان الأمة السورية، مبيّناً للمسؤولين الفرنسيين وخامة عاقبة هذه السياسة لفرنسة نفسها وأفضلية سلوك سياسة الاعتراف للأمة السورية بحقها في تقرير مصيرها ولكن فرنسة فضلت السير في سياستها إلى النهاية متخذة من عقم «الكتلة الوطنية» وحكومتها وسيلة لتنفيذ أغراضها بدون حادث أو صدمة.

 

وقد حذّر زعيمنا الـحكومات السورية والشعب من السياسة الفرنسية ومناوراتها وأظهر تساهلاً كبيراً بـمحاولاته التفاهم مع حكومة الكتلة الشامية على خطة عامة تؤول إلى إحباط مناورات هذه السياسة، ولكن الشركات السياسية لم تشأ أن ترعوي عن غيّها وبقيت مسترسلة في صلفها وغرورها إلى أن وصلت إلى النتيجة التي سعت إليها بنفسها ولا مفر لـمن سلك مسالكها منها.

 

تـجاه هذا الـمشروع الفرنسي الـجديد وتـجاه الـمساومة الفرنسية - البريطانية - التركية الـجديدة، يقف كل سوري قومي في مكانه مصغياً إلى صوت الزعيم مستعداً لتنفيذ أوامره. وكلمة الزعيم الآن هي هذه الرسالة الـموجهة إلى السوريين القوميين والشعب السوري عامة. فلنكن في أماكننا مستعدين:

 

                                                                          «عمدة الإذاعة»

 

 

أيها السوريون القوميون،

 

مرّت في هذه السنة الـماضية أحداث خطيرة اضطرب لها العالم وتشنجت أعصاب السياسة الإنترناسيونية، فتفاقم الأمر وبلغ حد تعبئة الصفوف وتـحريك الـجيوش ولكن، مع كل ذلك، لم أجد لي حاجة بتوجيه رسالة أو خطاب إليكم لأنني كنت شبه موقن بأن الأزمة التي اشتدت في سبتمبر/أيلول الـماضي ستنحلّ بدون عملية عامة وبأن الـمظاهر التي عرضت على الـمرسح الأوروبي لم تكن ذات قيمة حقيقية أو مستمدة من عزم حقيقي على الوقوف موقفاً حاسماً.

 

أما الآن فأشعر أنّ العالم يتجه بسرعة نحو موقف فاصل توضع فيه مقدرات الأمم في محكمة القوة أو محكمة حق الـمصالح. فرأيت، في هذا الزمن التاريخي، أن أوجه إليكم هذه الرسالة الصريحة لتكونوا على بيّنة من الـموقف وليتأهب كلٌّ منكم تأهباً تاماً ليقوم بواجبه على أفضل وجه حينما تصدر الإشارة. وأنتم تفهمون جيداً ما أعني!

 

إنّ الساعة التي تتمكنون فيها من أن تبرهنوا للعالم ما معنى وجودكم وكيانكم، تدنو مستعجلة! في هذه الساعة الـمقتربة توضع مثُلُكم العليا في معترك تنازع الـحياة الـجيدة والتفوق. ومصيركم يتوقف على مصيرها!

 

في هذه الساعة الآتية ستعرفون التاريخ والتاريخ سيعرفكم!

 

إنني أثق وأوقن من أنكم ستكونون في ذلك الـموقف كما أنتظر أن تكونوا!

 

يا ذوي الألبسة الرصاصية! يا رجال الزوبعة الـحمراء!

 

إنكم قد تعرضتم حتى الآن، لاضطهادات ومعارك عنيفة كان سلاحكم فيها الصبر الـجميل الذي أظهر عظيم قوّتكم ومتانة نظامكم وسموّ مناقبكم. إنكم لم تستعملوا غير هذا السلاح ليس لعجز منكم، بل لأني أنا أردت ألا تستعملوا غيره فاختبرت بهذه الطريقة قوة نفوسكم لأنه أهون جداً على الـمرء في الـمواقف العصيبة أن يخرج عن طوقه من أن يصبر على الشدة، وأنتم تعلمون جيداً أني ما طلبت منكم إلا ما فرضته على نفسي وتقدمتكم فيه!

 

هنالك أيامنا التاريخية تشهد لنا أننا لم نلجأ إلى الصبر تـجاه العنف، عن عجز بل عن مقدرة!

 

أذكّركم بيوم عماطور - الشوف.ألم تقفوا في ذلك اليوم الشهير تـجاه القوة الـمسلحة الـمرسلة لتفريق شملكم وبعثرة صفوفكم موقف النظام الدقيق والطاعة الـمثلى فلم تـحرّكوا ساكناً والسماء والأرض ومن فيهما شهدوا بأني لو شئت اختيار غير هذا الـموقف ومقابلة العنف بالعنف لكان انتصارنا بالقوة أكيداً كما كان انتصارنا بالصبر!

 

أذكّركم بيوم بكفيا وقد هاجمتكم القوة الـمسلحة بقصد انتزاع أعلامكم فأطبقتم عليها إطباق فك أسد على عنق غزال وأرسل إليَّ قائدكم يخبرني بأن القوة الـمدججة بالسلاح قد أصبحت في قبضتنا ويسأل تعليمات جديدة فأشرت عليكم بالعفّ عن القوة التي لم يستحق قائدها هذه الـمعاملة النبيلة!

 

أذكّركم بيوم طرطوس حين تآلبت جموعكم وجاءت ومشى الشعب كله معها وما حرّك العدو ساكناً!

 

أذكّركم بيوم دمشق حين وقفت صفوفكم أمام الـجامع الأموي في يوم الإسكندرونة وحاولت بعض العناصر الشيوعية الاعتداء على بعض الرفقاء الذين كانوا في الداخل، وكانت تلك العناصر متفاهمة مع رجال الـحكم ضدكم ومؤيدة من رجال الأمن، فكفت جريدتان أو ثلاث جرائد منكم للسيطرة على الـموقف والاقتصاص من الـمعتدين وإعادة الأمن إلى نصابه وحمايته من «رجال الأمن» حتى صفّقت الـجماهير لعملكم وهتفت لكم وتـجاوب صدى إجراءاتكم الباهرة في موسكو وباريس!

 

أذكّركم بيوم طرطوس حين تألبت جموعكم وجاءت القوات الـمسلحة، ثم ارتدّت على أعقابها حين رأت ما يؤول إليه الاشتباك معكم!

 

ويوم صافيتا! ويوم تلكلخ وكواكب فرسانه! ويوم بتربل ومناوراته!

 

لقد أساء الناس فهمكم. وهو ما حملني على القول في يوم طرابلس - الكورة: «إننا قد انتصرنا بالصبر والاحتمال ولكننا نقدر، حين لا ينفع الصبر، على الانتصار بوسائل أخرى»!

 

أذكّركم بكل ذلك لتعلموا أنّ قيمة العظمة الـحقيقية لا تزول ولا تنزل عن مرتبتها. إني أعرف نفسي وأعرفكم وأثق بنفسي وأثق بكم في الصبر والاحتمال وفي الإقدام والتضحية!

 

إنكم قد قمتم بعمل عظيم ولكن عظمتكم الـحقيقية لا تقف عند هذا الـحد ولا تتخلى عن العمل الفاصل الذي يتوقف عليه مصير مصالـحكم وإرادتكم ومثلكم العليا وحقوقكم في الـحياة!

 

يا رفقائي،

 

لستُ بناسٍ ولا أخالكم ناسين أننا قد تعاقدنا في الـحزب السوري القومي على تـحقيق أمر خطير جداً يساوي وجودنا ألا وهو: إنشاء دولتنا الـمستقلة على أساس مبادئنا الثابتة وجعل إرادتنا نحن نافذة في كل ما له علاقة بوطننا وشؤون حياتنا وحقوقنا. ولست بـمتراجع ولا أخالكم متراجعين!

 

إننـا قد تعاهدنا على إنشاء دولتنا الـمستقلة. ومنذ تلك الساعة نشأ في الأمة السورية الوجدان القومي الـممثل بكم - بعقيدتكم ونظامكم ومناقبكم وأعمالكم. منذ تلك الساعة بعثت الأمة السورية وابتدأ كيانها السياسي بنشوء الـحزب السوري القومي الذي هو بالفعل دولة الشعب السوري الـمستقلة!

 

هذا هو عملكم العظيم الذي أثبته تاريخ الـحركة السورية القومية. ولكن العمل الأعظم الذي أطلب منكم الآن أن توجهوا كل قواكم الروحية - الـمادية إليه هو: حمل الأمم والدول على الاعتراف بأمتنا ودولتنا - على الاعتراف بحقنا في الـحياة ومركزنا بين الأمم والدول. هو جعل إرادتنا في حقوقنا ومصيرنا مقبولة ومحترمة. هذه هي النقطة العظمى التي أطلب منكم، في هذا الوقت، أن توجهوا جهودكم إليها واثقاً من أنكم جديرون بأن أوجه إليكم هذا الطلب ومن أني لا أكلفكم ما لا طاقة لكم به!

 

إني من أجل ثقتي بكم ومن أجل أنكم قوة الوجدان القومي، أوجه في الـموقف العصيب، كلامي إليكم أولاً!

 

وفي هذا الـموقف العصيب أريد أن أعلن لكم ما يلي:

 

إني سرتُ بكم مدة سبع سنـين طويلة في طريق اللين والتساهل والصبر والاحتمال. فحمّلت نفسي وحمّلتكم ما كنت واثقاً من أننا نقدر على حمله. ووجهت منذ البدء دعوتي وندائي إلى العناصر والشركات السياسية التي ادعت العمل لـمصلحة الشعب. وكررت الدعوة والنداء في ظروف متعددة وضعت فيها مصالح أمتنا بين الوجود والعدم للاشتراك في إنشاء جبهة قومية يوضع لها خطة تعاونية تشترك عناصرها في تنفيذها. وأشرت من سجني الأول، بإرسال وفدٍ للاتصال بعناصر «الكتلة الوطنية» وإقناعها بوجوب توحيد العمل قبل التوغل في الـمخابرات والـمفاوضات، لعقد معاهدة مع الدولة الـمنتدبة. ولكن تلك الشركة الـمحدودة قابلت حسن نيتي ودعواتي ونداءاتي بفتور غريب وفعلت، كل ما في وسعها، لإقصاء حركتكم عن صميم العمل السياسي. ومع ذلك فإني لم أتردد في تقديم كل مساعدة سياسية لها اعتقدت أنها في مصلحة قضيتنا القومية. ولكن لم أغفل إسماعها وإسماع الرأي العام إنذاري لها وللشركات اللبنانية من سوء عاقبة السياسة الـخصوصية التي تسير عليها، فأذعت في الـخامس عشر من يونيو/حزيران 1936 بلاغي الأول الذي عرف بالبلاغ الأزرق.

 

من جهة أخرى رأيت أن أسلك بكم طريق التأني والهوادة تـجاه سياسة الدولة الـمنتدبة، لكي لا يقال عني إني لـجأت منذ البدء إلى العنف وأغلقت باب التفاهم، ولكي أعطي الدولة الـمنتدبة فرصة لإظهار حسن نيتها، وسلوك سياسة التفاهم التي ادعت، تـحت ضغط الـحركة السورية القومية، أنها قد قررت انتهاجها. فتحملت، ورافقتموني في تـحمُّلي، ضغط الـملاحقات الثانية - والسجن الـمرة الثانية. وفي أثناء هذا التوقيف، الذي طال مدة أربعة أشهر ونصف، وجرى بأمر الـحكومة اللبنانية، ابتدأ الاتصال الـمباشر الأول بين الـحزب السوري القومي والـمفوضية فاستقبل رئيس الغرفة السياسية وفد قبرصي - مراد وأظهر رغبته في الاجتماع بي بعد انتهاء التوقيف. وكانت الـحكومة اللبنانية قد عجزت عن ضعضعة صفوفكم على الرغم من محاولاتها التي استمرت كل مدة التوقيف. فاتصل بي الوفد وأنا لا أزال في السجن وأبلغني رغبة رئيس الغرفة السـياسية فقبلت الاجتماع به. وبعد خروجي من السجن جرت الـمقابلة الأولى بيني وبين رئيس الغرفة السياسية في الـمفوضية الفرنسية السيد كيفر. وكانت الـمقابلة ودية أظهرتُ فيها كل التساهل الذي تسمح به قضيتنا القومية. وأفهمت السيد كيفر أنّ مصالح سورية وفرنسة الـمتبادلة توجب على الـمفوضين الفرنسيين الاعتراف بحركتنا والتفاهم معنا. ولكن رئيس الغرفة السياسية كان يطمع - على ما يظهر - بالـحصول على أكبر من هذه النتيجة مني فقال «إننا أيضاً نودُّ حصول التفاهم فأبواب الـمفوضية تكون دائماً مفتوحة لاستقبالكم.» فظهر لي من هذه العبارة نوع الـمناورة السياسية التي قررت الغرفة السياسية في الـمفوضية الفرنسية القيام بها. وهذه الـمناورة تعني تسليط الـحكومات الـمحلية علينا في لبنان والشام وفتح أبواب الـمفوضية لنا للالتجاء إليها. فقلت لرئيس الغرفة الـمذكورة: «إنّ الوصول إلى تفاهم يقتضي وضع القواعد الأساسية التي يـمكن أن ينشأ عليها التفاهم. وإننا مستعدون من جهتنا للقيام بنصيبنا من العمل لتسهيل الوصول إلى هذه القواعد الأساسية.» فتركت باب الاتصال مفتوحاً من غير أن أقبل الإلتجاء إلى أبواب الـمفوضية الفرنسية الـمفتوحة لكل من يريد الإذعان للسياسة الفرنسية.

 

ثم جاءت مسألة لواء الإسكندرونة فما صبرتُ على هذه الـمسألة لـحظة واحدة. فنشرت في الـحال مقالاً في جريدة الشرق البيروتية كان أول مقال وضع هذه الـمسألة أمام الشعب السوري. ثم وضعت مذكرة وجّهتها إلى الـجمعية الأمـمية وإلى الدول الصديقة أبيّن فيها أنّ الـحزب السوري يعدُّ مسألة اللواء مسألة حيوية للأمة السورية وينكر وجود أي أساس حقوقي لتركية في هذا اللواء السوري، وحذّرت من الاعتداء على الـحقوق السورية. ثم كلفت رئيس الـمكتب السياسي في الـحزب السوري القومي الاتصال بالغرفة السيـاسية في الـمفوضية الفرنسية وإبلاغها وجهة نظر الـحزب. ثم أرسلت كتاباً إلى الـمفوضية الفرنسية أبلغها فيها استعدادكم للدفاع عن حدود الوطن الشمالية، وأني أتـمكن من وضع القوات الكافية لتأمين حقوقنا. وفي الوقت نفسه أصدرت توجيهات بالاتصال من جديد برجال «الكتلة الوطنية» وحكومتها لدرس هذه الـمسألة. ثم اجتمعت بنفسي برئيس الوزارة الشامية السيد جميل مردم. ولم أكن أعلّق أي أمل على الـجانب الفرنسي، ولكن الوزارة الكتلوية كانت في موقفها، عوناً للسياسة الفرنسية ضد الـمصلحة القومية. فقد قال لي رئيس الوزارة الشامية صراحة، إنّ معاليه لا يعدُّ نزع لواء الإسكندرونة عن جسم الوطن خسارة لسورية بل يعدُّه خسارة لتركية! فلم أرَ صواباً في ذلك الوقت أن أزجكم في حرب ضد فرنسة وتركية والـحكومات الـمحلية في وقت واحد. وكانت التأكيدات لنا من الـمفوضية أنه لن يصير تساهل في حقوق السيادة السورية على اللواء. فرأيت أن أصبر فتكون لفرنسة فرصة جديدة للبرهان على حسن نيتها.

 

أما الآن فقد تغيرت الـحال. فقد سقطـت تلك الشركة السياسية التي عُرفت باسم «الكتلة الوطنية» وأصبح يـمقتها حتى الذين كانوا - لعهد قريب - من أركانها. فهي قد قدمت طابق إفلاسها. وشيئاً فشيئاً أخذت التأكيدات الفرنسية بالـمحافظة على السيادة السورية في لواء الإسكندرونة تتلاشى. فبعد أن نفضت فرنسة يديها من كل معاهدة مع سورية، ساومت تركية مساومة نهائية على لواء الإسكندرونة وغيره من الأراضي السورية وقدمت ذلك اللواء الغالي ثمن محالفتها تركية. وبعد كل ذلك قررت تقسيم الشام إلى أربع مناطق يحكمها مستشارون فرنسيون بواسطة نفعيين من السوريين.

 

تـجاه هذه الأحداث وتـجاه الأحداث البريطانية في جنوبي سورية، أعلن باسمكم، أنّ جميع الـمساومات والتسويات والاتفاقيات التي عقدتها أو تعقدها دولة منتدبة على سورية أو على جزء منها، وكانت آيلة إلى تعديل وحدة الوطن السوري ووحدة الأمة السورية، هي مساومات وتسويات واتفاقيات فاسدة فلا فرنسة ولا دولة أجنبية غيرها تـملك أي حق للتصرف بشبر واحد من ميراثكم.

 

وباسمكم أعلن أنّ الاتفاقية التي سلّمت فرنسة بـموجبها لواء الإسكندرونة إلى تركية، هي اتفاقية باطلة وتكون خيانة لعهدة الـجمعية الأمـمية وتعدياً على أرض الوطن وعلى حقوق الأمة السورية الصريحة. وإنّ مشـروع التجزئة الـجديد هو مشروع استعمار مطلق لا يقبله الشعب السوري الـحر.

 

وباسمكم أعلن أنّ وعد بلفور هو تعدٍّ على حقوق الأمة السورية الصريحة. وإنّ جلب اليهود إلى بلادنا، تحت حماية قوانين فُرضت علينا بالقوة، لا يعطي أية سلطة في العالم حق مساواة اليهود بالشعب السوري في حقوق سيادته القومية. وإنه لا بريطانية ولا غيرها من الأمـم تـملك حق تعديل الـحقوق السورية القومية أو حق تقرير مصير أي جزء من الوطن السوري.

 

وإليكم أقول: إنّ دور الشركات السياسية الذي كان لعباً بـمصير الأمة والوطن خَطِراً، قد انتهى وجاء دور عمل السوريين القوميين لتعطيل الـمساومات والتسويات والاتفاقيات الـمجرمة ولإنقاذ الأمة والوطن من تلاعب الإرادات الأجنبية.

 

أيها السوريون القوميون،

 

منذ هذه الساعة يبتدىء عملكم العظيم!

 

إنّ سياسة الصبر والاحتمال قد انتهت فكونوا في أماكنكم مستعدين!

 

أيها الشعب السوري،

 

أيها الشعب الـحي،

 

إنّ الـحزب السوري القومي قد جاءك بالعقيدة التي تعبّر عن وجدانك القومي وتظـهر شخصيتـك وتقويها، وتوحد مصالـحك تـجاه الـمصالح الأجنبية وتوسعها، وتثبت مركزك في العالم فتفتح لك مجال الصناعة العظيم الذي يتسع له وطننا، وتنمي مواردك الزراعية التي تكفي وحدها لنحو عشرين مليوناً من أبنائك يعيشون برفاه وتـحميها، وتدعم تـجارتك بقوة الدولة القومية الـمؤسسة عليها، وتؤسس مجتمعك تأسيساً جديداً متيناً على دعائم مبادئها الاجتماعية والاقتصادية التي تقيم العدل الاجتماعي - الاقتصـادي، وتقضي على عوامل التهديم الاقتصادي والتفكيك الاجتماعي، وتقيمك أمة حية، متجانسـة قوية، منيعة. ولكن النفعيين الذين باعوا منافعهم الـخصوصية بـمصالـحك، كرهوا مجيء الـحزب السوري القومي وتأسيسه للمصلحة القومية على قواعد صحيحة لا تسمح بالتلاعب ولا باستمرار قيام الـمنافع الفردية على حساب مصلحة الشعب. فأسرعوا إلى محاربته وإلى التمسك بعناصر الـحالة الراهنة الـمخزية وهي عناصر التعصب الديني الذي فرّق صفوف الأمة وجزَّأ وحدتها. وغذّوا هذه العناصر الـمؤذية بروح النفاق الذي اشتهروا به. فقالوا للمسلم: حارب النهضة السورية القومية لأن الـمسلم يجب أن لا يتخلى عن الـجامعة الإسلامية وفكرة الدولة الدينية الإسلامية - العربية. وقالوا للمسيحي: حارب الـحزب السوري القومي لأن الـمسيحي لا يقدر أن يتحد مع الـمسلم في مجتمع واحد فيجب أن يبقى الـمسيحي منعزلاً عن الـمسلم وألا يفكر إلا بدولة صغيرة للمسيحيين تعيش في كنف دولة مسيحية. فبعد أن كنا أمام مسألة تعصب ديني بسيط، ضمن حدود الشعب السوري، يـمكن العمل على حلها فيه، إذا بهم يولدون مسألة تعصب ديني مركّب بالنفاق يشرك جماعات كثيرة في الشرق والغرب في قضية الشعب السوري. فأثاروا النعرة الدينية الإسلامية وألبسوها لبوس قضية عربية مصطنعة، وأثاروا النعرة الدينية الـمسيحية وألبسوها لبوس قضية لبنانية مصطنعة. وفيما هم يبذلون كل جهودهم في شطر الأمة السورية إلى هذين الشطرين وإيجاد حالة تقضي عليها بالانحلال والاضمحلال، نكاية بالـحزب السوري القومي ومقاومة له، يقفون بكل وقاحة بين الناس ويقولون: «حاشا لنا أن نستغل النعرات الدينية لـمآربنا! نحن أصحاب دعوة قومية!» فما أعظم هذه الدعوة «القومية» التي تريد هلاك الأمة السورية وخرابكم، أيها السوريون، أنتم وعيالكم وأجيالكم، فتذهبون فريسة الـمطامع الأجنبية التي تـجدكم غنيمة باردة، ولا تعود تقوم لكم قائمة أبد الدهر!

 

إنّ الظروف الـمحيطة الآن بأمتكم هي ظروف فاصلة. إنها ظروف صراع بين الـحياة والـموت بالمعنى الـحرفي. وفي ظروف هذا الصراع تلوح فرص لا يـمكن أن تقدَّر قيمة اغتنامها بالـمقادير العادية ولا أن تقاس نتائجها بالـمقاييس الـخصوصية.

 

إنّ هذه الظـروف فاصلـة مهما كانت الطريقة التي ستُّتبع في حل الأزمة الإنترناسيونية ولست أرى لـحل هذه الأزمة سوى طريقتين: إما طريقة تسليم الإمبراطوريات الـمحافظة بـمبدأ إعادة النظر في توزيع موارد العالم وقبولها التنازل عن حصص كبيرة للإمبراطوريات الـمتجددة، وفي هذه الـحالة تـحسب سورية في جملة الـموارد التي ينظر في توزيعها. وإما طريقة الالتجاء إلى الـحرب في التنازع على هذه الـموارد.

 

في كلتا الـحالتين يكون خطر هائل للأمة السورية إذا بقيت في تخاذلها مستسلمة لـخزعبلات الشركات السياسية وشعوذة النفعيين الـمنافقين. وإلى جانب الـخطر الهائل تكمن فرص النصر لقوة الأمة الـموحدة الإرادة.

 

أيها الشعب السوري،

 

الآن يترتب عليك أن تقرر لنفسك أحد الـمصيرين: مصير النعرات الدينية والتقاطع والسقوط أو مصير النهضة السورية القومية ووحدة الإرادة والقوة والنصر!

 

إنّ السوري الـحي يختار طريق الـحياة السورية القومية - طريق النصر!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro